وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا
|
تفسير بن كثير
|
يخبر تعالى عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها، وانفراجها بالغمام وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السماوات يومئذ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر، ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء، قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأيتهم اللّه في ظلل من الغمام والملائكة} الآية. قال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك. وقوله تعالى: { الملك يومئذ الحق للرحمن} الآية، كما قال تعالى: { لمن الملك اليوم. للّه الواحد القهار} وفي الصحيح: أن اللّه تعالى يطوي السماوات بيمينه، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ثم يقول: أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟. وقوله: { وكان يوما على الكافرين عسيرا} أي شديداً صعباً لأنه يوم عدل وقضاء فصل، كما قال تعالى: { فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير} فهذا حال الكافرين في هذا اليوم، وأما المؤمنون فكما قال تعالى: { لا يحزنهم الفزع الأكبر} الآية، وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال، قيل: يا رسول اللّه { يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ما أطول هذا اليوم! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا). وقوله: { ويوم يعض الظالم على يديه}الآية، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وما جاء به من عند اللّه من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعض على يديه حسرة وأسفاً، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن معيط ((أخرج ابن جرير: كان أبي بن خلف يحضر النبي صلى اللّه عليه وسلم، فيزجره عقبة بن أبي معيط، فنزلت هذه الآية، كما في اللباب )) أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم كما قال اللّه تعالى: { يوم تقلب وجوههم في النار} الآيتين، فكل ظالم يندم يوم القيامة، غاية الندم، ويعض على يديه قائلاً { يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} يعني من صرَفه عن الهدى وعدَل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك أمية بن خلف""أو أخوه أُبي بن خلف""أو غيرهما { لقد أضلني عن الذكر} وهو القرآن { بعد إذ جاءني} أي بعد بلوغه إليَّ، قال اللّه تعالى: { وكان الشيطان للإنسان خذولا} أي يخذله عن الحق ويصرفه عنه ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.
|
تفسير الجلالين
|
{ ويوم تشقق السماء } أي كل سماء { بالغمام } أي معه وهو غيم أبيض { ونزّل الملائكة } من كل سماء { تنزيلا } هو يوم القيامة ونصبه باذكر مقدرا وفي قراءة بتشديد شين تشقق بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها، وفي أخرى : ننزل بنونين الثانية ساكنة وضم اللام ونصب الملائكة .
|
تفسير الطبري
|
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { تَشَقَّق } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز : " وَيَوْم تَشَّقَّق " بِتَشْدِيدِ الشِّين بِمَعْنَى : تَتَشَقَّق , فَأَدْغَمُوا إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الشِّين فَشَدَّدُوهَا , كَمَا قَالَ : { لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى } 37 8 وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { وَيَوْم تَشَقَّق } بِتَخْفِيفِ الشِّين وَالِاجْتِزَاء بِإِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ الْأُخْرَى . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب وَتَأْوِيل الْكَلَام : وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء عَنِ الْغَمَام . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ غَمَام أَبْيَض مِثْل الْغَمَام الَّذِي ظَلَّلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , وَجُعِلَتِ الْبَاء , فِي قَوْله : { بِالْغَمَامِ } مَكَان " عَنْ " كَمَا تَقُول : رَمَيْت عَنِ الْقَوْس وَبِالْقَوْسِ , وَعَلَى الْقَوْس , بِمَعْنًى وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19981 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ } قَالَ : هُوَ الَّذِي قَالَ : { فِي ظُلَل مِنَ الْغَمَام } 2 210 الَّذِي يَأْتِي اللَّه فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة , وَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ قَطُّ إِلَّا لِبَنِي إِسْرَائِيل . قَالَ ابْن جُرَيْج : الْغَمَام الَّذِي يَأْتِي اللَّه فِيهِ غَمَام زَعَمُوا فِي الْجَنَّة . 19982 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَبْد الْجَلِيل , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ : يَهْبِط اللَّه حِين يَهْبِط , وَبَيْنه وَبَيْن خَلْقه سَبْعُونَ حِجَابًا , مِنْهَا النُّور وَالظُّلْمَة وَالْمَاء , فَيُصَوِّت الْمَاء صَوْتًا تَنْخَلِع لَهُ الْقُلُوب . 19983 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { يَأْتِيهِمْ اللَّه فِي ظُلَل مِنَ الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة }يَقُول : وَالْمَلَائِكَة حَوْله . 19984 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , عَنْ يُوسُف بْن مِهْرَان , أَنَّهُ سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول : إِنَّ هَذِهِ السَّمَاء إِذَا انْشَقَّتْ نَزَلَ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَة أَكْثَر مِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس , وَهُوَ يَوْم التَّلَاق , يَوْم يَلْتَقِي أَهْل السَّمَاء وَأَهْل الْأَرْض , فَيَقُول أَهْل الْأَرْض : جَاءَ رَبّنَا , فَيَقُولُونَ : لَمْ يَجِئْ وَهُوَ آتٍ , ثُمَّ تَتَشَقَّق السَّمَاء الثَّانِيَة , ثُمَّ سَمَاء سَمَاء عَلَى قَدْر ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيف إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , فَيَنْزِل مِنْهَا مِنْ الْمَلَائِكَة أَكْثَر مِنْ جَمِيع مَنْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاوَات وَمِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس . قَالَ : فَتَنْزِل الْمَلَائِكَة الْكَرُوبِيُّونَ , ثُمَّ يَأْتِي رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي حَمَلَة الْعَرْش الثَّمَانِيَة بَيْن كَعْب كُلّ مَلَك وَرُكْبَته مَسِيرَة سَبْعِينَ سَنَة , وَبَيْن فَخِذه وَمَنْكِبه مَسِيرَة سَبْعِينَ سَنَة , قَالَ : وَكُلّ مَلَك مِنْهُمْ لَمْ يَتَأَمَّل وَجْه صَاحِبه , وَكُلّ مَلَك مِنْهُمْ وَاضِع رَأْسه بَيْن ثَدْيَيْهِ يَقُول : سُبْحَان الْمَلِك الْقُدُّوس , وَعَلَى رُءُوسهمْ شَيْء مَبْسُوط كَأَنَّهُ الْقَبَاء , وَالْعَرْش فَوْق ذَلِكَ , ثُمَّ وَقَفَ . 19985 - قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ هَارُون بْن وَثَّاب , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , قَالَ : حَمَلَة الْعَرْش ثَمَانِيَة , فَأَرْبَعَة مِنْهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , لَك الْحَمْد عَلَى حِلْمك بَعْد عِلْمك , وَأَرْبَعَة يَقُولُونَ : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , لَك الْحَمْد عَلَى عَفْوك بَعْد قُدْرَتك . 19986 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : إِذَا نَظَرَ أَهْل الْأَرْض إِلَى الْعَرْش يَهْبِط عَلَيْهِمْ , فَوْقهمْ شَخَصَتْ إِلَيْهِ أَبْصَارهمْ , وَرَجَفَتْ كُلَاهُمْ فِي أَجْوَافهمْ , قَالَ : وَطَارَتْ قُلُوبهمْ مِنْ مَقَرّهَا فِي صُدُورهمْ إِلَى حَنَاجِرهمْ . 19987 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة حِين تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ , وَتَنْزِل الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا . وَقَوْله : { وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } يَقُول : وَنَزَلَ الْمَلَائِكَة إِلَى الْأَرْض تَنْزِيلًا الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { تَشَقَّق } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز : " وَيَوْم تَشَّقَّق " بِتَشْدِيدِ الشِّين بِمَعْنَى : تَتَشَقَّق , فَأَدْغَمُوا إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الشِّين فَشَدَّدُوهَا , كَمَا قَالَ : { لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى } 37 8 وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { وَيَوْم تَشَقَّق } بِتَخْفِيفِ الشِّين وَالِاجْتِزَاء بِإِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ الْأُخْرَى . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب وَتَأْوِيل الْكَلَام : وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء عَنِ الْغَمَام . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ غَمَام أَبْيَض مِثْل الْغَمَام الَّذِي ظَلَّلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل , وَجُعِلَتِ الْبَاء , فِي قَوْله : { بِالْغَمَامِ } مَكَان " عَنْ " كَمَا تَقُول : رَمَيْت عَنِ الْقَوْس وَبِالْقَوْسِ , وَعَلَى الْقَوْس , بِمَعْنًى وَاحِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19981 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ } قَالَ : هُوَ الَّذِي قَالَ : { فِي ظُلَل مِنَ الْغَمَام } 2 210 الَّذِي يَأْتِي اللَّه فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة , وَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ قَطُّ إِلَّا لِبَنِي إِسْرَائِيل . قَالَ ابْن جُرَيْج : الْغَمَام الَّذِي يَأْتِي اللَّه فِيهِ غَمَام زَعَمُوا فِي الْجَنَّة . 19982 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَبْد الْجَلِيل , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَالَ : يَهْبِط اللَّه حِين يَهْبِط , وَبَيْنه وَبَيْن خَلْقه سَبْعُونَ حِجَابًا , مِنْهَا النُّور وَالظُّلْمَة وَالْمَاء , فَيُصَوِّت الْمَاء صَوْتًا تَنْخَلِع لَهُ الْقُلُوب . 19983 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { يَأْتِيهِمْ اللَّه فِي ظُلَل مِنَ الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة } يَقُول : وَالْمَلَائِكَة حَوْله . 19984 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , عَنْ يُوسُف بْن مِهْرَان , أَنَّهُ سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول : إِنَّ هَذِهِ السَّمَاء إِذَا انْشَقَّتْ نَزَلَ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَة أَكْثَر مِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس , وَهُوَ يَوْم التَّلَاق , يَوْم يَلْتَقِي أَهْل السَّمَاء وَأَهْل الْأَرْض , فَيَقُول أَهْل الْأَرْض : جَاءَ رَبّنَا , فَيَقُولُونَ : لَمْ يَجِئْ وَهُوَ آتٍ , ثُمَّ تَتَشَقَّق السَّمَاء الثَّانِيَة , ثُمَّ سَمَاء سَمَاء عَلَى قَدْر ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيف إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة , فَيَنْزِل مِنْهَا مِنْ الْمَلَائِكَة أَكْثَر مِنْ جَمِيع مَنْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاوَات وَمِنَ الْجِنّ وَالْإِنْس . قَالَ : فَتَنْزِل الْمَلَائِكَة الْكَرُوبِيُّونَ , ثُمَّ يَأْتِي رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي حَمَلَة الْعَرْش الثَّمَانِيَة بَيْن كَعْب كُلّ مَلَك وَرُكْبَته مَسِيرَة سَبْعِينَ سَنَة , وَبَيْن فَخِذه وَمَنْكِبه مَسِيرَة سَبْعِينَ سَنَة , قَالَ : وَكُلّ مَلَك مِنْهُمْ لَمْ يَتَأَمَّل وَجْه صَاحِبه , وَكُلّ مَلَك مِنْهُمْ وَاضِع رَأْسه بَيْن ثَدْيَيْهِ يَقُول : سُبْحَان الْمَلِك الْقُدُّوس , وَعَلَى رُءُوسهمْ شَيْء مَبْسُوط كَأَنَّهُ الْقَبَاء , وَالْعَرْش فَوْق ذَلِكَ , ثُمَّ وَقَفَ . 19985 - قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ هَارُون بْن وَثَّاب , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , قَالَ : حَمَلَة الْعَرْش ثَمَانِيَة , فَأَرْبَعَة مِنْهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , لَك الْحَمْد عَلَى حِلْمك بَعْد عِلْمك , وَأَرْبَعَة يَقُولُونَ : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , لَك الْحَمْد عَلَى عَفْوك بَعْد قُدْرَتك . 19986 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : إِذَا نَظَرَ أَهْل الْأَرْض إِلَى الْعَرْش يَهْبِط عَلَيْهِمْ , فَوْقهمْ شَخَصَتْ إِلَيْهِ أَبْصَارهمْ , وَرَجَفَتْ كُلَاهُمْ فِي أَجْوَافهمْ , قَالَ : وَطَارَتْ قُلُوبهمْ مِنْ مَقَرّهَا فِي صُدُورهمْ إِلَى حَنَاجِرهمْ . 19987 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَيَوْم تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة حِين تَشَقَّق السَّمَاء بِالْغَمَامِ , وَتَنْزِل الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا . وَقَوْله : { وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَة تَنْزِيلًا } يَقُول : وَنَزَلَ الْمَلَائِكَة إِلَى الْأَرْض تَنْزِيلًا'
|
تفسير القرطبي
|
قوله { ويوم تشقق السماء بالغمام} أي واذكر يوم تشقق السماء بالغمام. وقرأه عاصم والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وأبو عمرو { تشقق} بتخفيف الشين وأصله تتشقق بتاءين فحذفوا الأولى تخفيفا، واختاره أبو عبيد. الباقون { تشقق} بتشديد الشين على الإدغام، واختاره أبو حاتم. وكذلك في - ق-{ بالغمام} أي عن الغمام. والباء وعن يتعاقبان؛ كما تقول : رميت بالقوس وعن القوس. روي أن السماء تتشقق عن سحاب أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم فتنشق السماء عنه؛ وهو الذي قال { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} البقرة 210 . { ونزل الملائكة} من السماوات، ويأتي الرب جل وعز في الثمانية الذين يحملون العرش لفصل القضاء، على ما يجوز أن يحمل عليه إتيانه؛ لا على ما تحمل عليه صفات المخلوقين من الحركة والانتقال. وقال ابن عباس : تتشقق سماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في سماء الدنيا، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة، ثم ينزل الكروبيون وحملة العرش؛ وهو معنى قوله { ونزل الملائكة تنزيلا} أي من السماء إلى الأرض لحساب الثقلين. وقيل : إن السماء تنشق بالغمام الذي بينها وبين الناس؛ فبتشقق الغمام تتشقق السماء؛ فإذا انشقت السماء انتقض تركيبها وطويت ونزلت الملائكة إلى مكان سواها. وقرأ ابن كثير{ وننزل الملائكة} بالنصب من الإنزال. الباقون. { ونزل الملائكة} بالرفع. دليله { تنزيلا} ولو كان على الأول لقال إنزالا. وقد قيل : إن نزل وأنزل بمعنى؛ فجاء { تنزيلا} على { نزل} وقد قرأ عبدالوهاب عن أبي عمرو { ونزل الملائكة تنزيلا} . وقرأ ابن مسعود { وأنزل الملائكة} . أبي بن كعب { ونزلت الملائكة} . وعنه { وتنزلت الملائكة} . قوله { الملك يومئذ الحق للرحمن} { الملك} مبتدأ و { الحق}صفة له و { للرحمن} الخبر؛ لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك؛ فبطلت يومئذ أملاك المالكين وانقطعت دعاويهم، وزال كل ملك وملكه. وبقي الملك الحق لله وحده. { وكان يوما على الكافرين عسيرا} أي لما ينالهم من الأهوال ويلحقهم من الخزي والهوان، وهو على المؤمنين أخف من صلاة مكتوبة؛ على ما تقدم في الحديث. وهذه الآية دال عليه؛ لأنه إذا كان على الكافرين عسيرا فهو على المؤمنين يسير. يقال : عسِر يعسَر، وعسُر يعسُر.
|
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
|
وقد سبق منهم أنْ طلبوا من الله أنْ ينزل عليهم ملائكة، فها هي الملائكة تنزل عليهم كما يريدون، لكن في غير مسرّة لكم، ولا إجابة لسؤال منكم.
والسماء: هي السقف المرفوع فوقنا المحفوظ الذي ننظر إليه، فلا نرى فيه فطوراً ولا شروخاً، ولك أن تنظر إلى السماء حال صفائها، وسوف تراها ملساء لا نتوءَ فيها، ولا اعوجاج على اتساعها هذا وقيامها هكذا بلا عَمَد. لذلك يدعوك الحق ـ تبارك وتعالى ـ إلى النظر والتأمل، يقول لك: لن نغشك.. انظر في السماء وتأمل: { ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } [الملك: 4]. والسماء التي تراها فوقك على هذه القوة والتماسك لا يُمسكها فوقك إلا الله، كما يقول سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ } [فاطر: 41]. ويقول تعالى: { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [الحج: 65] إذن: هناك إذْن للسماء أن تقع على الأرض، وأنْ تتشقق وتتبدل، كما قال سبحانه: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَاوَاتُ } [إبراهيم: 48]. ويقول تعالى عن تشقُّق السماء في الآخرة: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } [الانشقاق: 1ـ2]. معنى: { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } [الانشقاق: 2] يعني: استمعتْ وأطاعتْ بمجرد الاستماع. وهنا يقول تعالى: { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [الفرقان: 25] أي: تنشقّ وينزل من الشقوق الغمام، وقد ذُكِر الغمام أيضاً في قوله تعالى: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } [البقرة: 210]. وقوله تعالى: { وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [الفرقان: 25] يدل على قوة النزول ليباشروا عملية الفصل في موقف القيامة. |
أَللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ نَزَغَـاتِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَكَيْدِهِ وَمَكَائِدِهِ، وَمِنَ الثِّقَةِ بِأَمَـانِيِّهِ وَمَوَاعِيدِهِ وَغُرُورِهِ وَمَصَائِدِهِ، وَأَنْ يُطْمِعَ نَفْسَهُ فِي إضْلاَلِنَا عَنْ طَاعَتِكَ وَامْتِهَانِنَا بِمَعْصِيَتِكَ، أَوْ أَنْ يَحْسُنَ عِنْدَنَا مَا حَسَّنَ لَنَا، أَوْ أَنْ يَثْقُلَ عَلَيْنَا مَا كَرَّهَ إلَيْنَا. أللَّهُمَّ اخْسَأْهُ عَنَّا بِعِبَادَتِكَ، وَاكْبِتْهُ بِدُؤوبِنَا فِي مَحَبَّتِكَ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِتْراً لاَ يَهْتِكُهُ،
الأحد، 7 أكتوبر 2012
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق